الأربعاء، 21 أبريل 2021

حسين خليل : الحاضر أبدا - سهيل الطشم

 

بخجل واستحياء تمطّى الصبح وأضجرني خفوت شمسه، فعانقني ريب لم أتعوّده واستعذت بالله، وزاد الطين بلّة إن ابنتي التي تبادرني بأشياء من مخزونها المتجدد، جفّ كما بريق عيونها. اضطرب في حلقي الكلام فوقعت في شك مريب وتغاضيت عن الاستفسار مستبعدا خبرا أتوقعه، وكان الوقع الرهيب على مسمعي: توفّي عمو حسين. لأقرب كرسيّ رميت نفسي المتهالكة أصلا، وأخذني جمود اللحظة وتداعت أمام ناظريّ أشرطة تستعرض أكثر من خمسين عاما من أخضر العشرة الجميلة وجلجلة الصوت المهيب، وترانيم الكلام الذي طالما أزهرت حروفه على المبسم الحبيب.
حسين خليل كبد الفهم وسخاء الأفكار وعلوّ الهمّة وجمال المعشر وكرم المبادرة وجمال التندّر وغنى الفكرة وذاكرة العطر وطلّة الصباح وندى الأسحار وترقرق المياه وفصاحة اللفظة وسماحة الحكمة وشجو البلابل وجلال الهيبة وجموح الإرادة وهدوء البنفسج وتسامي النرجس ومباهاة الياسمين وجرأة الشمس وضجيج الموقف وصخب النخوة وغدوّ الهلال وعظمة الاقتدار على انتخاب اللحظة وجرأة القول وكمال الفهم.
حسين خليل هل تراني أوفيك ما أنت فيه في الغياب! كنت أضنّ عليك بالاعتراف لأنني كنت أساير فيك التواضع الذي امتطيت صهوته، يوم كنت تقرّ للآخرين ما لهم وما عليك. ولكم اختزلتَ من الأنا لتقدّم الآخر، ما كان يؤثر بي ويحيلني مقلّدا لك في هذا الموقف أو ذاك، لأنني كنت متيقّنا أن الزمن أجاد عليّ أن تكون لي خليلا وصديقا وندّا وحبيبا وصاحبا، ولكم آلامك أن أتعرّض لبعض الحالات المؤلمة، لأجد من قربك إليّ هناءة وقرارة عين، ذاك هو أنت أيها المغادر على جناح فراق أليم، لم أدر كيف تمضي الأيام القادمة والدنيا خلوّ منك أيها الحاضر في ذاكرة المرحلة، والغائب في الزمن الصعب الذي أحتاج فيه لحضورك واحتضانك شأنك شأن الأم والأب والأخ، حيث كنت تلحظ مسيس حاجتي لهذه الأمومة أو الأبوة أو الأخوة التي حرمت منها.
أيها الحبيب الغالي لا عزاء لي! لا قرار إلا التسليم وسيطول بكائي.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق