الأحد، 29 يناير 2017

قوانين إنتخاب الربع الساعة الاخيرة سمير دياب


رحلت أجيال، وهرمت أجيال، وهي تناضل من أجل التغيير الديمقراطي وفي المقدمة منه القانون الإنتخابي الديمقراطي كمدخل آمن لبناء الدولة الوطنية الديمقراطية.
فنظام الإنتخاب النسبي مطلب تاريخي مزمن من قوى التغيير الديمقراطي قبل الحرب الأهلية وبعدها. لكن لا حياة لمن تنادي، كون أرباب النظام السياسي، ولغاية في نفس نفوسهم الطبقية والطائفية لا يعملون إلا بتوجهات الربع الساعة الأخيرة، وهذه الربع الساعة قاعدة سياسية متبعة ، وتابعة، منذ عقود طويلة هدفها تبيان الخيط الأبيض من الخيط الأسود لمعرفة حصة كل زعيم طائفي وحجم تمثيله في العملية الإنتخابية، وإلا سيكون مصير الانتخابات الحالية في حزيران 2017 التمديد (كما يحصل منذ 2013) أو إعتماد قانون ال60 القديم .. وإن كان هناك خلافاً حوله فإنه يتم التواطؤ بين تحالف الطبقة المسيطرة، كما يحصل هذه الأيام للبحث عن مخارج لتلميع القانون القديم مع – رشة- نسبية ضمن التوزع الطائفي وتقديمه للشعب كطبق إنتخابي يحمل صفة قانون الانجاز السياسي الجديد
أحياناً، يحاول المرء أن يتواطأ فكرياً ضد قناعاته، ويسمح لنفسه البحث عن إيجابية واحدة لمشروع صادر عن المجلس النيابي (سياسي أو إجتماعي) يقف إلى جانب العمال وليس أرباب العمل . إلى جانب الفقراء ضد الأغنياء . إلى جانب المواطنة ضد الطائفية . إلى جانب تطبيق الدستور( المقر) بحد ذاته .... أو البحث عن مرسوم إيجابي لمصلحة المواطنين في مجالس الحكومات المتعاقبة بعد الطائف. لكن عبثاً نضيع الوقت، فالإبرة التي نبحث عنها غير موجودة في كومة قش أرباب هذا النظام الطائفي، أما الاستمرار في ذلك، كمن يفتش عن عقله الضائع.
******
لا خلاف حول عملية إجراء الإنتخابات البرلمانية كحق ديمقراطي . إنما الخلاف هو في عملية تحديد الوضع التاريخي لاشكال التمثيل في هذه العملية .. بمعنى أي نظام إنتخابي يؤمن صحة التمثيل الحقيقي ويحقق العملية الديمقراطية فيه...
فالمشاريع المطروحة في بازار النقاش تدور حول دوزنة قانون يراعي مصلحة الطبقة الحاكمة ذاتها، وهي كالتالي
1- قانون الستين الذي اعتمد عام 2009 بعد إتفاق "الدوحة"، وهو قانون أكثري + طائفي ودوائر صغيرة مذهبية .. ( يعني إنتاج نفس الطاقم السياسي )
2- القانون التأهيلي ، وهو عبارة عن مشروع إنتخابي هجين – يعتمد في مرحلته الاولى الاكثرية + الطائفية في الاقضية – وفيه تختار المذاهب الاسلامية مرشحيهم ، كما يختار المسيحيون مرشحيهم كطائفة. وبعد تأهيل المرشحين في القضاء( مرشحان عن كل مقعد) تجري الانتخابات في المحافظات على أساس النسبية + الطائفية في المرحلة الثانية
(نتائج هذا المشروع هو إنتاج نفس الطاقم السياسي – الطائفي مع تعميق أكثر للشرخ المذهبي والنسبية هنا منتوفة ومسلوخة ومطبوخة طائفياً )
3- النظام المختلط (الاكثري + النسبي مع الطائفية وهو أكثر من نوع مقدم .. لكن ما يتم التداول بشأنه في كواليس قوى النظام هو :
تقسيم النواب إلى فئتين : الفئة الاولى: وفق النسبية في المحافظات الخمس – والفئة الثانية وفق الاكثرية في الاقضية .. والفئة الاولى تضم كل المنتمين إلى طوائف لا تتجاوز نسبة ناخبيها 66% ... يعني اللعب بالدوائر الانتخابية لتركيب مجلس نيابي على قياسات كل فئة طائفية غالبة في منطقتها – والثابت في هذا التقسيم هو إنتاج (الدفعة الاساسية )السياسية الطائفية أولا،التي تضمن للقوى المسيطرة حصتها .. وبعدها العمل وفق هذا التقسيم على (مرمطة ) الاقليات الطائفية في بعض المناطق والدوائر ..عدا عن كون هذا القانون إبتكار عجائبي فإنه في الوقت عينه، قانون يتنكر للمساواة بين نائب وآخر حسب عدد اصوات النواب التي ينالها – وفق توزيع الدوائر ..(هذا المشروع ينتحل صفة النسبية ، ويزيد من التمييز الطائفي والمذهبي وطبعاً يعيد إنتاج الطاقم السياسي المسيطر ذاته)
4- القانون المختلط - الثاني - وهو مقسم كالتالي (68 نائباً على أساس الاكثرية و 60 نائباً على أساس النسبية) .. المشكلة فيه أنه مركب وطائفي بدوائر صغيرة ، غرضه التمويه لإعادة إنتاج نفس الطاقم السياسي دون تعديل يذكر.. أما حشر النسبية فيه، فغرضها تجميلي فقط لخداع الناخبين ...
5- القانون المختلط- الثالث ، وهو مقسم كالتالي ( 64 نائباً أكثري و64 نائباً نسبي) يسري عليه ما يسري على البند رقم 4 .
طبعاً، هناك قوانين شبيهة ربما يجري التداول بها، كالقانون الاثوذكسي، وقانون فؤاد بطرس، ولكنها توصل الى طاحونة ما سبق ذكره.
6- قانون إنتخابي ديمقراطي مقدم من الحزب الشيوعي اللبناني وقوى التغيير والديمقراطية وهو قانون يعتمد " النسبية وفق لبنان دائرة إنتخابية واحدة خراج القيد الطائفي" . مع كوتا نسائية بنسبة 30% مرحلية ومؤقته ، وخفض سن الاقتراع الى 18 سنة.. هذا القانون تطبيقه سهل جداً، ومفهوم جداً ، ولا حاجة لتدريب عليه ... وهو يقوم على أكثر من صيغتين .
الصيغة الاولى : وهي الاسهل (النسبية في الاقتراع باللوائح المغلقة كاملة 128 نائباً ونائبة – حيث يجري التصويت للائحة كاملة ).
الصيغة الثانية: وهي (النسبية بالاقتراع الأسمي التفضيلي - حيث يحصل الناخب/ة على قسيمة اقتراع موحدة عليها أسماء جميع المرشحين بالترتيب الالفبائي، ويقوم بترتيب المرشحين حسب الأفضلية بالترقيم إلى جانب أسم كل مرشح بشكل مستقل. يمنح الرقم (1) للافضلية الأولى (الخيار الأول) والرقم (2 ) للافضلية الثانية (الخيار الثاني) وهكذا دواليك. ...
هذا القانون المتكامل العادل، يحاول أرباب النظام تجاهله كلياً ويوغلون في تفتيت الوطن بحجة حماية طوائفه حتى تلاشى كيان هذا الوطن في بوتقة الطوائف المتنافرة والمتنابذة والمختلفة ليس على منبت المقاومة إنما على اللون الطائفي للعمالة.. هذه السياسة المعتمدة منذ " الطائف" والتي سميت "بالطائفية التوافقية " بعد إلباسها طربوش الديمقراطية جردت الشعب اللبناني من حقوقه السياسية والاجتماعية، وتركته يعاني الجوع والبطالة والتهجير والهجرة بفعل طبقة سياسية - طائفية متحالفة مع طغمة مالية مفترسة هدفها إجهاض الإصلاح الوطني.
******
الطائفية وقوانينها تشكل منبعاً لتخلفنا السياسي والإجتماعي، والطبقة المسيطرة تمتطي صهوة الطائفية لتأبيد سيطرتها الطبقية .
قرار قوى السلطة التجديد لمصالحهم الفئوية والطائفية (واضح) . وقرار قوى التغيير التجديد لمصالح الجماهير الشعبية وصحة التمثيل (أوضح).
لنا لقاء جماهير وطني في تظاهرة 5 شباط 2017 (بدعوة من الشيوعي وقوى التغيير والديمقراطية – بشعار واضح )، كمحطة من المحطات النضالية من أجل إنتاج قانون ديمقراطي عصري يقوم على النسبية والدائرة الواحدة خارج القيد الطائفي ليشكل بداية لبناء دولة وطنية ديمقراطية بديلاًً عن فيدرالية الطوائف القائمة.
29/01/2017.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق