وفي حين أعلنت المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون النازحين رسمياً أن عدد اللاجئين السوريين ناهز المليون وثلاثة وثلاثين ألف لاجئ، تملك السلطات اللبنانية عبر اجهزتها الرسمية أرقاماً تفوق إحصاءات الأمم المتحدة.
وحتى وإن لم يكن عدد النازحين السوريين دقيقاً، تبقى أرقام تداعيات النزوح السوري القطاعات كافة قريبة من الدقة والموضوعية.
وقد اطلعنا عليها الخبير الإقتصادي والمالي دكتور غازي وزني قائلاً:
“لبنان إستضاف أكبر عدد من النازحين السوريين في المنطقة، ف-22% من النازحين السوريين مسجلين على الأراضي اللبنانية لدى مفوضية الأمم المتحدة مقابل أقل من 3% في تركيا وحوالى 10% في الأردن. وهذا النزوح الكثيف للسوريين في لبنان له تبعات على القطاعات كافة”
ففي القطاع الصحي هناك أكثر من 53% من النازحين السوريين لا يتجاوز اعمارهم ال-15 عاماً وهم يحتاجون إلى رعاية صحية بشكل كبير جداً بحيث أن أكثر من 40% من الرعاية الصحية في لبنان قدمت مؤخراً إلى النازحين السوريين. وفي ما يتعلق بالولادات السورية هناك أكثر من 40 ألف ولادة سنوياً وهو رقمٌ يفوق الولادات اللبنانية التي تحصى بحوالى 30 ألف ولادة.
تداعيات هذه الأزمة طالت أيضاً القطاع التربوي حيث أن هناك حوالى 170 ألف تلميذ من النازحين السوريين ومن الممكن أن يصل عددهم إلى أكثر من 350 ألف إذا دخل المدارس كل السوريون الذين تتراوح اعمارهم بين ال4 وال-17 عاماً.
أما في ما يتعلق بالبنى التحتية في لبنان فحدث ولا حرج حيث أنها مترهلة جداً ووجود أكثر من مليون ونصف نازح سوري زاد الأمر سوءًا. ففي قطاع الكهرباء وبحسب إحصاءات البنك الدولي، إن النازح السوري يستخدم 20% من الطاقة الإنتاجية في لبنان وهو يستخدم حالياً أكثر من 400 ميغاوات وهذه التأثيرات تمتد لتطال النفايات الصلبة، الطرقات، المياه وغيرها، فتتراوح بذلك كلفة البنى التحتية سنوياً بين ال-500 وال-600 مليون دولار.
أما في ما يتعلق بقطاع سوق العمل وما نتائج المنافسة غير المشروعة من قبل النازحين السوريين، فقد تضاعف عدد العاطلين عن العمل في لبنان من 10% إلى 21% بحسب إحصاءات البنك الدولي، أما السلطات اللبنانية فتتحدث عن نسبة 25% من العاطلين عن العمل و-34% منهم هم من صفوف الشباب.
نسبة الفقر في لبنان ارتفعت مع أزمة النزوح السوري من 22% إلى 32% بحسب إحصاءات البنك الدولي وهذا الفقر طال بشكلٍ كبير مناطق معينة مثل طرابلس وعكار والبقاع الغربي حيث يتواجد 64% من النزوح السوري في هذه المناطق مما أدى إلى تزايد الأوضاع الأمنية غير المستقرة.
وأضاف وزني: “من هنا علينا الإعتراف بأن النزوح السوري ليس فقط أحد المشكلات الكبيرة جداً التي يعاني منها لبنان في الآونة الأخيرة بل الاخطر هو أنه قنبلة موقوتة في المرحلة القادمة”
ولابد من الإشارة إلى أن عشرون في المئة فقط من العدد الإجمالي للاجئين السوريين أتموا عملية تسجيل اولادهم، وتسعى الأمم المتحدة بالتعاون مع السلطات اللبنانية إلى تسهيل عملية التسجيل بحسب المتحدثة بإسم المفوضية العليا للأمم المتحدة دانا سليمان التي قالت :”التسجيل مهم للأهالي السوريين لأنه يسمح لهم بالعودة إلى بلادهم بشكلٍ قانوني وطبيعي” واضافت: “إن برامج العودة هي جزء من برامجنا، أما في الوضع الراهن فنعتبر أن الظروف ليست مؤاتية لعودة سليمة وكريمة بالتالي نحن لا نشجع اللاجئين حالياً إلى العودة إلا إذا كان ذلك بكامل ارادتهم وإدراكهم بالوضع الأمني والإقتصادي في الداخل السوري، ففي هذه الحالة نحن لا نقف عائقاً بوجههم، بل على العكس نقوم بمساعدتهم”
وبخلاف اللبنانيين، في إمكان اللاجئين السوريين ادخر ما نسبته 80% من أجورهم بعد احتساب انفاقهم. وهنا يكمن السؤال: هل تقوم السلطات اللبنانية المعنية بمسألة اللاجئين بإجراء مراجعة دورية للحالات التي وفدت إلى لبنان للتأكد من أحقيتهم باللجوء؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق