"يوم السبت، في 1 تموز، غداة مداهمات عرسال الأمنية التي أوقف فيها نحو ٣٨٠ لاجئاً سورياً، وخلال تواجد الشاب العشريني السوري توفيق محمد الغاوي في مركز اعتقال في مطار رياق، اختلّ توازنه من شدة الإعياء وأوجاع الضرب الذي تعرّض له خلال الساعات الثلاثين على الأقلّ الأخيرة، وراح الدمّ ينزف من أذنه. استغاث زميله الذي كان بجانبه بالعسكري الذي كان يقف عند باب غرفةٍ لا تتعدى مساحتها ثلاثين متراً مربّعاً، محشورٌ فيها نحو مئة موقوف جميعهم مقيّدو المعاصم بأصفاد بلاستيكية ضيّقة ورؤوسهم مطأطأة بقوة العنف والتهديد بالعنف.
ردّ عليه العسكري من الباب المفتوح: بدّي إلعن أبوك وأبوه. عاملّي دكتور هون؟ ما تروح تعمل كلب عند بشّار، شو جابك لعندي لهون؟ بدّكن حريّة يا ولاد الكلب وأشكالكن هيّ اللي بدّها تسقّط بشّار الأسد؟ وأخذ يضرب جميع من في الغرفة بالهراوة بمن فيهما توفيق والشابّ الذي استغاث بالعسكري من أجله. فغطّى الأخير رأسه ليحميه من ضربات الهراوة، فيما هشّمت ضربات الهراوة جمجمة توفيق المغمى عليه. ساءت حالة توفيق وغزر نزيفه، فتمّ سحبه من الغرفة إلى مكان مجهول.
الاثنين، في 10 تموز، وبعد أكثر من أسبوعٍ على الحادثة، تمّ استدعاء شقيقة توفيق عبر قنوات من داخل مخيمها في عرسال إلى مستشفى زحلة الحكومي، بعدما تم إبلاغها أنّ شقيقها مُصابٌ وموجودٌ للعلاج فيه، وبأن المطلوب استلامه حيث أنه أنهى علاجه وتمّ تخلية سبيله. وقبل أن يسمح لها عناصرٌ بالزيّ المدني لقاءه في المستشفى، جعلوها توقّع مع صهرها الذي كان يرافقها إفادةً بأنهما استلماه حيّاً. بعدها سمح لها برؤيته من خلال زجاج غرفة العناية الفائقة. قالت: "كيف سيخرج وهو بهذه الحالة؟". فكان الردّ أنه لا يزال هناك "أمور قضائية" يتعيّن إنجازها قبل خروجه. أجابت: "ليش أخي شو عامل؟ أخي بيّاع ماي". أجاب: "أخوك حاول أن يفجّر نفسه في جمعٍ من الضباط. أخوكِ انتحاري". قالت: "أخي لم يذبح دجاجةً في حياته ولم يحمل سكّيناً يوماً في جيبه. أخي درويش، الكلّ بيعرفه بيّاع ماي". ردّ الشاب في الزيّ المدني: "يللا يللا خِلصِت الشوفة".
"عند مغادرتها قسم العناية، رآها الطبيب المعالج واجتمع بها في خلوةٍ سريعة قائلاً لها: أنا طبيب وعملي إنساني ولا يعنيني ما فعله شقيقك. أضاف: شقيقك تعرّض لضربٍ عنيف على الرأس تسبّب له بنزيف داخلي، كمّا تعرّض لضربٍ عنيف على البطن ما أدّى إلى توقّف كليتيه عن العمل. وأضاف إنه كان يجري غسيلاً لكليتي توفيق في محاولة لإنقاذه فارتفع ضغطه إلى ٢٤، فتجمّدت مقلتاه ودخل في غيبوبة- كوما قبل أن يتمكن الطبيب من التدخل.
وقال الطبيب إن توفيق بحاجة الآن إلى جرّاح طبيب في الأعصاب الدماغية. ولا وجود لطبيب كهذا في المستشفى الذي هو فيه، وأكّد أنه لا بدّ من نقله فوراً إلى أيّ مستشفى آخر من أجل إنقاذه، وأنه لا أمل لنجاته من الموت ما لم يتمّ علاجه فوراً وعاجلاً من قبل طبيب جرّاح مختصّ بأعصاب الدماغ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق