القاع هو ليس فقط اسم بلدة لبنانية هو التوصيف الحقيقي للحال الذي وصل اليه حزب الله والنظام السوري ومن ورائهم ايران......يوم ٢٨ حزيران ٢٠١٦ نشر الخبر التالي:
” قال مسؤولون أمنيون لبنانيون إن أربعة انتحاريين فجروا أنفسهم في بلدة القاع ذات الغالبية المسيحية والواقعة على الحدود مع سوريا. وأسفرت التفجيرات عن جرح خمسة عشر شخصاً.
وأضافوا أن هذه التفجيرات الانتحارية جرت في الوقت الذي بينما كان سكان القرية يجهزون لجنازات قتلى التفجيرات الأولى التي ضربت البلدة صباح اليوم..
يذكر أن تلك التفجيرات أسفرت عن مقتل خمسة أشخاص واصابة 13 آخرين. ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن التفجيرات”.
سجل الخبر ضد مجهول وانتهى الموضوع عند هذا الحد. الخبر بحد ذاته مع ما رافقه لاحقاً من ظهور مسلح أثار حفيظتي وخلق عندي مجموعة من الشكوك، حول الجهة المجهولة التي فجرت ٩ انتحاريين بيوم واحد، ودفعت الشارع المسيحي الى الخوف وحمل السلاح.
ليس دفاعاً عن داعش الا ان هذا ليس اسلوبهم، هم يسعون بهدف دعائي، واستعراضي، الى تسجيل أكبر عدد من الإصابات عندما يضربون، وعملية مطار اسطنبول، وضربات باريس، وبروكسل، دليل واضح على كيفية تعامل داعش مع تلك الحالات.
من فجر في القاع كان يستهدف بعمله مسألتين، الأولى خلق شرخ جديد بين الشارعين ” السني”، و” المسيحي” في لبنان. الثانية تبرير مسألة الأمن الذاتي التي يتشدق بها حزب الله حيث نصب نفسه مدافعاً عن لبنان ومسيحيه بالنيابة عن الدولة اللبنانية وأجهزتها الأمنية التي يصفها الحزب بالعاجزة، ليبرر استمرار وجود سلاحه على حساب السلاح الشرعي للدولة، وليبرر عبور قواته عبر الحدود للعمل كجندي بالأجرة مدفوع حسابه بالكامل من ايران، (حسب تصريحات امينه العام)، لخدمة مشاريعها، وتكريس المشروع الفارسي وفرضه على المنطقة.
عندما تكون العملية بهذا المستوى علينا البحث عن بصمات النظامين السوري، والايراني،
فعلي المملوك الذي حمل سيارات سماحة بالمتفجرات لن يتردد بإرسال ٩ انتحاريين لتفجير القاع وارسال رسالة خوف وتهجير لمسيحيي المنطقة، ليربطهم بنظامه كونه نصب نفسه مدافعاً عن الأقليات.
أما النظام الايراني، فعلاقته بداعش قديمة ابتدأت مع القاعدة، وامتدت الى العراق حيث انقذت الزرقاوي من براثن الأمريكان، وحمته في كردستان العراق مع أنصار الاسلام، وفي داخل معسكراتها في طهران “معسكر الفجر” في الأحواز التابع للحرس الثوري، حيث تم نقله لاحقاً من جديد الى العراق عبر احد قادة الحرس الثوري محمد فروزنده ليؤسس حينها جيش محمد. وهي تقيم على أراضيها العديد من المعسكرات لتدريب مقاتلي داعش، وتزودهم بالسلاح والعتاد وتحركهم في المناطق التي تريد السيطرة عليها لتدخلها وتقول انها تقاتل الاٍرهاب كما هو حالها وحال قائد جناحها العسكري، في لبنان السيد حسن نصرالله.
بحديث خاص مع أحد المقربين من القوات اللبنانية للاستفسار عن ما دفع القوات الى هذا الاستعراض العسكري، رغم معرفتهم بمدى خطورته من ناحية تأمينه تبريراً لسلاح حزب الله قال لي، بداية كان هناك حالة من الضياع لم يكن أحد من أهل القرية او السياسيين قادر على تفسير ما يحصل، وظن الناس ان القرية ستتعرض لهجوم مسلح، كما حصل العام ١٩٧٨عندما دخلت قوات عسكرية سورية مموهة ببدلات مدنية نحو السادسة من مساء الثلثاء 27 حزيران ١٩٧٨ وهي كانت عناصر تابعة للوحدات الخاصة السورية، بلدات القاع، راس بعلبك، وجديدة الفاكهة بقيادة ضابط برتبة رائد يدعى علي ديب، واقتادت مجموعة من ستة وعشرين شاباً من منازلهم، وتقتلهم. فأخذت القوات اللبنانية قراراً سياسياً بالانتشار عسكرياً لحماية مناطق المسيحيين لتقول لحزب الله ” نحن من يحمي مسيحيي لبنان وانت لست وصياً عليهم” لتحميهم، و تمنع اي هجوم محتمل على المنطقة، دون ان يقللوا من أهمية و ضرورة تطوير قدرات الأجهزة العسكرية اللبنانية من جيش وقوى أمنية لحماية لبنان وشعبه.
مساء اليوم أطل علينا السيد حسن نصرالله ليتحفنا بمجموعة من الحقائق عن تفجيرات القاع:
1- كل المعطيات والمعلومات تؤكد ان من فجروا في القاع لم يأتوا من سورية ولا من مخيمات مشاريع القاع انما جاؤوا من جرود عرسال.
2- سنحمي البقاع الشمالي برموش عيوننا ولن نسمح بأي عملية تهجير.
اصل العقدة حلب واصل العقدة الحصار الذي تفرضه امريكا على ايران وحزب الله، فامريكا تسحب ملف العراق بهدوء من ايران وتحاصرها عبر روسيا في سوريا، ولم تسمح باسقاط حلب، ولم تسهل اي نصر لايران في اليمن، ولم تسمح لأي تجاوب مع مساعيها لتخريب الأمن في البحرين، رغم النبرة الإيرانية العالية. لذلك كما يقول المثل اللبناني ” لم يبقى في الميدان الا حديدان”، اي ملف لبنان الذي تريد ايران من خلاله تكريس تسوية، تعطي حصة اكبر لحزب الله في الدولة اللبنانية، وتسهل سيطرته عليها، لذلك حزب الله ليس مستعجل على حل موضوع الرئاسة، وليس صحيح ما قاله السيد ” نحن لا نريد سلة اتفقوا على عون ونحن نمشي به”، الموضوع كله هو إعادة تركيب السلطة لصالح حزب الله وايران. أما لماذا عرسال وجرودها؟ فهو لتطهير مناطق عمليات حزب الله ضد الثورة السورية من عمق سني كبير يمتد بتحالفاته الى سوريا، واراد ان يستخدم المسيحيين ضد ذلك العمق، بحد أدنى شراء صمتهم ضد اي مجزرة ستحصل بحقهم بحجة انهم رعاة للارهاب وأنهم سهلوا ضرب المسيحيين في البقاع.
لذلك كان تحذيرنا للقوات بعدم الدخول بلعبة العراضات العسكرية لانها ستخدم أهداف حزب الله رغم عدم شكنا بالنوايا الطيبة لشباب القرى الراغبين بحماية عائلاتهم بظل عجز الجيش والقوى الأمنية عن حمايتهم، وهذا يتطلب أيضاً من الرئيس الحريري اعادة قراءة الوضع السياسي بدقته، وإعادة احتضان القوات اللبنانية، والعودة هو والقوات الى الأصول اي الى روح ١٤ آذار حيث الهدف هو العبور الى الدولة بحماية اجهزتها العسكرية، لمنع تكريس الدويلات الطائفية، ومقولات الأمن الذاتي.
كتب الياس خوري على صفحته، الحزن والغضب بسبب مجزرة القاع الوحشية يتحولان بفضل عجز الطبقة الحاكمة اللبنانية وانحطاطها السياسي والأخلاقي الى موجة عنصرية اجرامية ضد اللاجئين السوريين في لبنان. عنصرية فالتة من عقالها مصنوعة من الحقد والنذالة والضعة.
في مواجهة هذا المد الانحطاطي، على كل لبناني يؤمن بالحق والعدالة أن يعلن أنه لاجئ سوري، انا لا أدعو إلى التضامن مع اللاجئين، بل أدعو إلى التماهي معهم.
انا اليوم لاجئ سوري.
وسأبقى لاجئاً سورياً إلى أن يزول الظلم ويعود اللاجئون إلى وطنهم بعد أن تسترد سورية حريتها وتفك قيد الاستبداد الأسدي والتوحش الداعشي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق